السوشيال ميديا وتأثيرها على المجتمع.. بين الفائدة والخطر
بقلم: بسمه صبحي
في زمن تسارعت فيه التكنولوجيا وامتدت شاشاتها إلى كل يد، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) عنصرًا أساسيًا في حياة الأفراد، تؤثر في أفكارهم وسلوكهم، وتشكل وعيهم وتعيد تشكيل علاقاتهم الاجتماعية. وبين من يراها أداة للتواصل والتعبير، ومن يحذر من آثارها السلبية، تبقى الحقيقة المؤكدة أن تأثيرها على المجتمع أصبح لا يُمكن تجاهله.
أولًا: الوجه الإيجابي للسوشيال ميديا
لا أحد ينكر ما قدمته السوشيال ميديا من فوائد جمّة، أهمها:
• تعزيز التواصل بين الأفراد، خاصة في ظل البعد الجغرافي.
• نشر المعرفة وتبادل الخبرات، حيث أصبحت المنصات وسيلة للتعلم الذاتي ومتابعة الأخبار أولًا بأول.
• منبر حر للتعبير عن الرأي، خصوصًا في القضايا المجتمعية والسياسية.
• دعم المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال من خلال التسويق الإلكتروني والوصول إلى الجمهور المستهدف.
• تنمية الوعي بالقضايا الإنسانية من خلال الحملات الإلكترونية ومشاركة القصص المؤثرة
ثانيًا: الآثار السلبية.. وجهٌ لا يجب تجاهله
رغم كل المزايا، إلا أن الاستخدام غير المنضبط للسوشيال ميديا قد خلّف تداعيات خطيرة على الفرد والمجتمع، أبرزها:
• نشر الشائعات والمعلومات المضللة، مما يؤدي إلى إثارة الفتن وزعزعة الاستقرار.
• تراجع العلاقات الإنسانية المباشرة، حيث استبدل الكثيرون اللقاءات الحقيقية بالدردشات الافتراضية.
• الإدمان الإلكتروني، وما ينتج عنه من عزلة، تشتت، وتراجع في الأداء الدراسي أو الوظيفي.
• الابتزاز والتنمر الإلكتروني، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين.
• السطحية في التفكير، بسبب الاعتياد على المعلومات السريعة والمحتوى الترفيهي المفرط
ثالثًا: التأثير الثقافي والاجتماعي
تُعد السوشيال ميديا الآن من أقوى أدوات تشكيل الرأي العام، حيث باتت تؤثر على:
• الهوية الثقافية، نتيجة الانفتاح غير المنضبط على ثقافات مختلفة قد تتعارض أحيانًا مع القيم المحلية.
• الانتماء الوطني والأسري، بسبب تسلل أفكار فردية أو جماعية قد تؤثر على الانسجام الاجتماعي.
• النمو العاطفي والنفسي لدى النشء، حيث بات التقدير الذاتي يرتبط بعدد الإعجابات والتعليقات، مما يخق ضغطًا نفسيًا خطيرًا.
رابعًا: كيف نواجه التأثير السلبي؟
لا يكمن الحل في منع السوشيال ميديا، بل في ترشيد استخدامها وتعزيز الوعي الرقمي، من خلال:
• التربية الإعلامية للأجيال الجديدة، لتمييز الصحيح من الزائف.
• المتابعة الأسرية الواعية، دون قمع أو تجسس، بل من خلال الحوار والثقة.
• سنّ التشريعات الرادعة لمكافحة جرائم الإنترنت، كالتنمر والتشهير والابتزاز.
• تشجيع المحتوى الهادف، ودعم صانعي المحتوى المفيد والمحفز.
• تعزيز القيم الأخلاقية والهوية الثقافية في الخطاب الإعلامي والمؤسسات التعليمية.
خاتمة:
السوشيال ميديا ليست شرًا مطلقًا ولا خيرًا خالصًا، بل أداة مثل أي اختراع إنساني، تعتمد على طريقة استخدامها. فإما أن تكون جسرًا يبني، أو سلاحًا يهدم. ولذا، تقع مسؤولية التوازن في استخدامها على عاتق الفرد والأسرة والدولة معًا، لضمان أن تبقى هذه المنصات وسيلة للتقارب لا التفرقة، للتنمية لا الانحدار، وللوعي لا التغييب

0 تعليقات